دراسه ملحمه «علي بساط الريح» الرايعه

الملحمه فن لم يتحدّث العرب القدامي عنه ولم يعرفوا قواعده واصوله ولم يعطوا وجوده وعياً صحيحاً، فلذلك يخلو الادب العربي القديم من الروايع الملحميه البارزه، بما في الكلمه من المعني العلمي الدقيق؛ بل هناك ما يضاهي الملاحم، والتي يمكن العثور عليها في العصور القديمه للادب العربي. اما في الادب الحديث، فنجد شعرا بارزين انشدوا ملاحم تاريخيه علي منهج قديم، كاحمد شوقي وبولس سلامه وعمر ابو ريشه ولكنّ ملاحمهم لم تتمتّع من الخيال المُجنّح وهو ما نراه فقط في ملحمه «علي بساط الريح» للشاعر الشهير اللبناني فوزي المعلوف الّذي برز حقاً في هذا الميدان، فهو في ملحمته قد اجاد في الاستفاده من الخيال المجنّح والابتكاري الذي يُبدع صوراً تركيبيه لا وجود لها في عالم الواقع، وان كانت ممكنه الوجود. انه سار في ملحمته علي نظام الملاحم الحديثه الّتي شاعت في اوربه مع «فيكتور هوغو» و«ملتون» وغيرهما، وترا ت في شعره فلسفه ابي العلا ِ المعري ونظريات دانتي. فوزي المعلوف شاعر مجدّد وخصب الخيال ولكنه شاعر الالم والتشاوم والكآبه والذي ينطلق من دا ه العضال في حقبه من الزمن والذي ادّي الي موته في ريعان شبابه. هذه الملحمه رحله خياليه تنطوي علي فلسفه خاصّه في الحياه وتمجّد الصّفات الانسانيه. في هذه الملحمه تتجلي الروح الشرقيه والرومانسيه. انّ الشاعر في ملحمته هذه يبيّن لنا انّ الانسان لم يستثمر الاختراعات القيّمه الّتي ابدعها العباقره لاحيا البشريّه، بل توسّل بها ليقتل الشعوب بيد آمنه؛ وفي الواقع انّ هذه الملحمه ثوره علي التطور المادي الذي لا يودّي الي سعاده الانسانيه.