مكانة الظَّن من الاستدلال في علوم الاصول قراءةٌ معرفيَّة

اكثر ما يتميز به الفكر اليوناني انتاجُه مجموعة الابحاث المنهجية العقلية التي اودعها ارسطو كتبًا ثمانية سمَّى مجموعها (الاورغانون)، وبه يتميز العلم اليقيني مما ليس يقينًا، فكانه المعيار للعلوم كلها، ومن خلاله ناقشت الفلسفة اليونانية موضوعاتها، اي: الانسان، والطبيعة، والاله، فحاولت اثارة المشاكل فيها، وايجاد الحلول لها من خلال النظر العقلي الخالص، ثم تُعورف في الثقافة الاسلامية على تسمية هذا المجموع (المنطق)، ولم ترُق المنهجية اليقينية التي يتطلَّبها لعلماء الاصول من فقهاء ومتكلمين ونحويين؛ متق دِّميهم وبعض متا خريهم، فهاجموها، وبيَّنوا خطاها، وسعوا الى اقامة منطق اسلامي جديد في جوهره، فنظروا في اخص ما للمنطق اليوناني، وارادوا مناقضته والاعتراض عليه، فاذا كانت المنهجية اليقينية سمة المنطق اليوناني؛ فان المنهجية الظنية سمة المنطق الاسلامي؛ عنها صدر الاصوليون في استدلالاتهم، ومن ثم اسَّسوا معرفيًّا للظن في الفكر الاسلامي؛ ليُمثل منهجية اصولية مركزية مُميزة اياه، وعليه؛ تتحرى هذه القراءة بيان مكانة الظن من الاستدلال في علم الاصول؛ بقسميه الاستقراء والقياس، وما يتعلق بهما؛ اي التعليل.