الوقف على البحث العلمي: مقاربة بين الفقه واولويات الواقع

البحث العلمي في هذا العصر ضرورة حضارية وسيادية بالنسبة الى الامم والشعوب، وموسسة الوقف يمكن ان تكون محرِّكًا ومموِّلاً للبحث العلمي؛ نظرًا الى تجربتها القديمة في دعم الحركة العلمية في تاريخ الحضارة الاسلامية، واسهامها الموثر في دعم البحث العلمي في العالم الغربي حديثًا، وقد تناول هذا البحث مناقشة الحكم الفقهي للوقف على البحث العلمي على مستوى الامة لا الافراد، في ضوء واقع البحث العلمي في العالم الاسلامي، وما ينبغي له ان يكون عليه، بدايةً بتعريف الوقف على البحث العلمي، ثم بيان مشروعيته، وانتهاءً بعرض احصائي لواقع البحث العلمي في العالم الاسلامي على مدار سبع سنوات (2007-2014)، مما يُبيِّن شُحَّ المخصَّصات المالية المرصودة للبحث العلمي من الناتج المحلي، مقارنةً ببعض الدول المتقدمة من مثل كوريا الجنوبية واليابان، كما ان الانفاق المرصود للبحث العلمي في العالم الاسلامي يعتمد على التمويل المركزي بنسبة كبيرة جدًا، مع ضعف كبير للتمويل الخاص، بما فيه التمويل عن طريق الوقف، ولا احصائيات تبين مدى اسهام الوقف في تمويل البحث العلمي، وفي ضوء واقع البحث العلمي في العالم الاسلامي حاول البحث مراجعة الحكم الفقهي للوقف على البحث العلمي بنظرة واقعية مقاصدية، ليخلص في الاخير ان الوقف على البحث العلمي يُعدُّ فرضًا كفائيًا على مجموع الامة؛ لان تحصيل العلم والمعرفة فريضة شرعية، وان البحث العلمي وسيلة لجلب منافعة جمة؛ وتحقيق مصالح راجحة في المجالات كلها، وبما ان مقصد الشرع كله تحقيق مصالح العباد؛ والوقف وسيلة موثرة في تحقيق تلكم المصالح؛ فللوسائل حُكم المقاصد.