التجارة بين دول الشرق القديم خلال العصور البرونزية

يعتبر الشرق القديم قلب العالم القديم او البقعة المركزية فيه، انها منبت اقدم الحضارات البشرية وما قدمته من ابتكارات اساسية للانسانية. وانها اكبر حقل للمواجهات السياسية والعسكرية خلال كل ادوار التاريخ. وكانت البداية التي حركت كل شيء هي الانتاج، فاخذ الانسان مع تزايد خبراته للانتاج اكثر مما كان يحتاجه لاستهلاكه، فكان ان اتجه للقيام باول خطوة نوعية في طريق التجارة، مبئدئا ذلك بمبادلة السلع الفائضة لديه بمواد اخرى يحتاجها، ومتدرجا في ذلك من التبادل مع جيرانه الاقربيين الى سكان المناطق الاخرى المجاورة ثم البعيدة. وبذلك اندفع بعض الافراد ممن كان لديهم الاقدام والتوثب الى مناطق ابعد فابعد وتجولوا هنا وهناك وخففوا عن جماعاتهم مقابل اجر معين عناء التجوال والبحث عن مادة يحتاجونها او ايجاد زبائن مناسبين للمبادلات. وبذلك فتحت طريق التجارة لتبادل المواد والسلع والتي كانوا ينقلونها عبر وسائط متعددة سواء برية، حيث كانت من الحيوانات المستخدمة في التجارة ونقل البضائع الحمير والثيران والبغال والخيول والابل والعربات، او عبر وسائط نقل مائية كالسفن والقوارب وكل ذلك تطلب امكانات اﻗﺘﺼﺎدﯿﺔ ﻛﺒﯿرة وﻓﻲ اﻟوﻗت ﻨﻔﺴﻪ ﻨﺸوء ﺴﻠطﺔ ﻗوﯿﺔ ﺒﺼﻼﺤﯿﺎت و اﺴﻌﺔ ﻟﻺﺸراف ﻋﻠﻰ ﺘﻠك اﻟﻌﻤﻠﯿﺎت اﻟﺘﺠﺎرﯿﺔ وذﻟك ﻟﺘﺄﻤﯿن وﺤﻤﺎﯿﺔ اﻟطرق ﻤن ﻫﺠﻤﺎت ﻗطﺎع اﻟطرق. وﻨظرا ﻟﻛون اﻟﺘﺠﺎرة ﻋﻤﻼ اﺨﺘﺼﺎﺼﯿﺎ ﯿﺤﺘﺎج اﻟﻰ ﻤﻬرة وﻤﻌرﻓﺔ ﺒﺸووﻨﻬﺎ واﻋﻤﺎﻟﻬﺎ. وﺒﺨﺎﺼﺔ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺨﺎرﺠﯿﺔ ﻟدول اﻟﻤﻨطﻘﺔ، ﻟذﻟك اوﻛﻠت اﻟﻤﻠوك واﻟﺤﻛﺎم ﺸوون ﻨﺸﺎطﺎﺘﻬم اﻟﺘﺠﺎرﯿﺔ اﻟﻰ ﻤﺠﻤوﻋﺔ ﻤن ﻫوﻻء اﻟﺘﺠﺎر، ﯿﻘوﻤون ﺒﺈدارة ﻫذﻩ اﻟﻨﺸﺎطﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ وﺒﺎﻟﻤﻘﺎﺒل ﯿﺘﻤﺘﻌوا ﺒﺎﻤﺘﯿﺎزات وﺤﻘوق اﺠﺘﻤﺎﻋﯿﺔ واﻗﺘﺼﺎدﯿﺔ ﺘﻔوق اﻟﻨﺎس اﻵﺨرﯿن وذﻟك ﻤﺎ ﻤﻨﺤﻬم اﻟﺸﻬرة اﻟﻛﺒﯿرة ﻓﻲ ﺘﺎرﯿﺦ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺘﺠﺎري ﻓﻲ اﻟﺸرق اﻟﻘدﯿم. ﯿﻀﺎف اﻟﻰ ذﻟك اﻟﻘواﻨﯿن اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺎﻟﺘﺠﺎرة ﺒﺤﯿث ﻛﺎن ﻤن اﻟﻀروري اﺤﺎطﺔ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻤﺎﻟﯿﺔ ﺒﺈطﺎر ﻗﺎﻨوﻨﻲ وﻫو ﻋﻘد ﻤﻛﺘوب ﺒﯿن اﻟطرﻓﯿن وﯿﺨطر ﻋﺎدة ﺒﺘوﻗﯿﻊ اﻟﺸﻬود. وﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈن اﻟﻨﺸﺎطﺎت اﻟﺘﺠﺎرﯿﺔ اﻟﻤﺘﻌددة واﻟواﺴﻌﺔ ﺨﻠﻘت ﺼﻨﯿﻐﺎ ﺘﻨظﯿﻤﯿﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻘﺎﺌﻤﯿن ﻋﻠﻰ ﺸووﻨﻬﺎ او ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻤﺎﻟﯿﺔ ﺒﯿﻨﻬم.وﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺴﺎﻫﻤت اﻟﺘﺠﺎرة ﻓﻲ رﻓﻊ ﻤﺴﺘوى ﻤﻌﯿﺸﺔ اﻟﺴﻛﺎن، واﻨﺘﺸﺎر ﺤﻀﺎرة ﻫذﻩ اﻟﺒﻼد ﻋﺒر ﻨﺸﺎطﺎﺘﻬم اﻟﺘﺠﺎرﯿﺔ ﺴواء ﺒﯿن اﻟدول او ﺒﯿن اﻟﻤدن داﺨل اﻟدوﻟﺔ، وﻫذا ﻤﺎ ادى اﻟﻰ اﻨﻌﻛﺎﺴﺎﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘوى اﻟﺤﻀﺎري ﻟدول اﻟﺸرق اﻟﻘدﯿم ﺨﻼل ﻋﺼور اﻟﺒروﻨز.