التوسّع في المعني من خلال حذف حرف الجرّ في القرآن الكريم

يعتبر حذف حرف الجرّ في القرآن الكريم من مصاديق التقنيات المنزاحة عن المعيار اللغوي والتنوع الأسلوبي الغنية بالمعطيات البلاغية والدلالية التّي تعطي التعابير من المعاني ما لايعطيها الذكر. والقرآن الكريم بدلاً من أن يضيف علي المعني باستعمال الألفاظ الدالّة علي المعني الخاص، يحذف بعض العناصر من التعابير، أينما يقتضيها المقام والسياق. يقوم هذا البحث بدراسة البنية الخطابية لِأسلوب حذف حرف الجرّ في نماذج من الآيات الكريمة، علي المنهج الوصفي - التحليلي، لِيبين كيفية تأثيره في تعدّد المعني وتوسّعه. نتائج البحث تشير إلي أنّ الحذف يخلق فجوة في مكونات الآية الكريمة، فيسبّب ضعف التماسك فيها، لكن ذهن المتلقّي الحاذق عند مواجهة الحذف يذهب كل مذهب ممكن باستعانة القرائن، لِيقدّر للمحذوف حرفين من الحروف الجارة أو أكثر، أو الأدوار الإعرابية الأخري، وبذلك يملأ الفجوة التّي يحدثها الحذف ويعيد العبارة تماسكها واتساقها من جانب، ومن جانب آخر يتلقّي من العبارة قراءات متعددة، مما يتمخّص منها اتّساع مجالات المعني وتعدّده. والذي نستنتج من معطيات البحث أنّ معظم مصاديق الحذف في القرآن يؤدّي إلي تعدّد المعني وتلقّي قراءات متعدّدة من العبارة، بتقدير الأدوار الإعرابية المختلفة للمحذوف ومواطن الاحتمال.