الثورة التونسية و العدالة الاجتماعية (التجانس الغائب)

ناقش هذا البحث مطلب (العدالة الاجتماعية)، وعدّه من ابرز المطالب الاجتماعية ضمن شعارات الثورة التونسية التي رفعتها الجماهير المنتفضة في مختلف السّاحات العامة وفي مختلف مواقع العمل منذ بداية الاحداث في 17 ديسمبر2010 . بل يمكن القول انّ مطلب (العدالة الاجتماعية) كان على راس مطالب المنتفضين الى جانب مطلب التّشغيل والحرية والديمقراطية..الخ. ومن العلامات التي توكّد اولوية هذا المطلب وتعبّ عن مركزيته ضمن اهداف الثورة التونسية هو ظهور عبارات (العدالة الاجتماعية) و (المساواة) و(العدل) في اسماء عديد الاحزاب السّياسية والمنظمات الاجتماعية التي تاسّست بعد 14 جانفي2011 . اذ بلغ عدد الاحزاب التونسية التي وردت في اسمائها هذه العبارات 16 حزبا من مجموع 114 حزبا شاركوا في انتخابات 23 اكتوبر 2011 . اضافة الى ذلك، لقد تم ادراج مطلب (العدالة الاجتماعية) في برامج جميع الاحزاب السّياسية على اختلاف مرجعياتها الفكرية والايديولوجية، حتى وان تباينت او تفاوتت درجات الافصاح عنه او التاكيد عليه وتحديد آليات تحقيقه في هذه البرامج. وهذا الامر منطقي، لانّ المظالم الاجتماعية وسياسات التّمييز والحرمان في اشكاله المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كانت ابرز الاسباب المباشرة التي ادّت الى قيام هذه الثورة الى جانب قضايا الفساد والاستبداد السّياسيين..الخ. وخلص الباحث الى انّ تحقيق مطلب (العدالة الاجتماعية) يقتضي وجود ارادة سياسية مستقلة اولا، وتغيير المقاربة الاقتصادية الليبرالية التي تعتبر من اهم معوّقات النجاح في تحقيق هذا المطلب في تونس وفي الوطن العربي عموما .