المنهج البياني بين تفسيري الكشاف للزمخشري والأمالي للشريف المرتضي: دراسة مقارنة

إنّ أداة القرآن للتعبير عن أحكامه الدينية هي أداة خاصة تؤثّر علي النفوس؛ ذلك أنّ القرآن يجعل الجمال الفني أداة مقصودة للتأثير الوجداني فيخاطب حاسّة الوجدان الدينيّة بلغة الجمال الفني. هذه اللّغة هي ما أثارت اهتمام المفسّرين و جعلتهم يعنون بهذا الجانب عناية فائقة، فحاولوا تفسير القرآن تفسيراً أدبيّاً و بلاغياً و ألّفوا في هذا المجال تأليفات عديدة و ثمينة. من أهمّ كتب التفاسير الّتي اهتمّت ببيان إعجاز القرآن من الناحية البلاغية من معان و بيان و بديع لخدمة الإعجاز القرآني و معرفة أحواله؛ تفسيران شهيران هما: الكشاف للزمخشري والأمالي للشريف المرتضي. بما أنّ الكشف عن سرّ إعجاز القرآن يتعلّق إلي حدّ كبير بعلم البلاغة و لاسيّما البيان و ذلك علم يعدّ من الطّرق المهمّة في توصيل المعاني و الأفكار؛ فدراسة تفسير القرآن من هذه النّاحية يمكن اعتبارها من الدراسات الهامّة و الضروريّة. تناول هذا البحث دراسة هذين الكتابين من منظور علم البيان مركّزاً علي أهمِّ مباحثه؛ أي: التشبيه، المجاز، الاستعارة و الكناية علي أساس المنهج الوصفي ـ التحليلي و قارن بينهما باختيار أمثلة من آيات القرآن من التفسيرين و بين مدي تشابه المفسّرين و اختلافهما في اهتمامها بهذا العلم البلاغي في التفسير. من أهمّ النتائج الّتي وصل إليها هذا البحث هو أنّ المفسّرَينِ كليهما اهتمّا بالمباحث البلاغية و خاصة البيان منها و لكنّ الفارق الرئيسي بينهما هو أنّ الزمخشري وقف عند كل الآيات القرآنية مفصّلاً دلالاتها مع ذكر أنواع التشبيه، الاستعارة، المجاز و الكناية؛ بَيْد أنَّ المرتضي تحدث عن المباحث البيانية بصورة عامة و لم‌يتطرّق إلي الجزئيات كما لم‌يعد لتلك المباحث ضروباً و أنواعاً بمقتضي عدم تقدّم البلاغة في عصره تقدّماً وسيعاً كما هو الحال في زمن الزمخشري فلا يستغرق في مستنقع التعاريف و التقسيمات، بل يركز علي كشف المعاني و الجماليات ممّا يميّز منهجه عن الزمخشري.