أرجحية نظرية الألفة السياسية القرآنية على نظرية العصبية الخلدونية

خلاصة تنوعت أساليب القرآن الكريم في الدعوة لمفهوم الوحدة في الحياة السياسية الإسلامية، بعد أن طغت روح العصبية والقومية والقبلية في النظام السياسي الذي كان سائدًا في الجزيرة العربية، ومن بين هذه المفاهيم مفهوم الألفة الذي يشير إلى ضرورة الوفاق والتآلف وتقارب القلوب على أساس الروح الإيمانية من خلال الاعتصام بحبل الله؛ لتحقيق النموذج الأمثل للنظام السياسي الذي يقوم بإدارة المجتمع الإسلامي الإيماني، الذي تكون له انعكاسات على المجتمع الإنساني. وفي مقابل ذلك طُرحت نظريات مختلفة تتعلق بالشأن السياسي لقيادة الأمَّة الإسلامية، ومن جملتها نظرية العصبية الخلدونية التي تدعو إلى السيطرة على الحكم بالغلبة والقهر، حيث بنى ابن خلدون نظريته على الروح العصبية، بدعوى أنَّ حالة تأليف القلوب من خوارق العادة التي كانت تؤدي إلى استماتة الناس نتيجة الأحوال التي كانوا يشاهدونها في حضور الملائكة لنصرهم، وتردد خبر السماء بينهم، وتجدد خطاب الله في كل حادثة تُتلى عليهم، فلم يحتج إلى مراعاة العصبية آنذاك، وانكشفت الحاجة إليها بعد ذلك، وكأنَّ تأليف القلوب مقتصر على زمان دون زمان. إنَّ هذه المقالة تهدف إلى طرح النظرية السياسية القرآنية من خلال المقارنة بين نظرية الألفة السياسية القرآنية ونظرية العصبية الخلدونية حول تأسيس المجتمع السياسي، من خلال السؤال التالي: ما هو وجه أرجحية نظرية الألفة السياسية القرآنية على نظرية العصبية الخلدونية، وذلك من خلال المنهج الوصفي التحليلي في عرض أصل موضوع تآلف المجتمع السياسي الإسلامي، ضمن دراسة مقارنة تهدف إلى استنباط الدلالات المتعلقة بالموضوع. لقد توصلنا من خلال البحث إلى نتيجة مفادها أنَّ نظرية الألفة السياسية من النظريات القرآنية التي لها أبعادها السياسية باعتبارها تحكي عن تأسيس النظام السياسي الإسلامي على أساس الروح الإيمانية المنبثقة من الإنقياد إلى خليفة الله في الأرض؛ أي المعصوم الذي يمثل حلقة الوصل بين الخالق والمخلوق، أو ولي الأمر الذي ينوب منابه. الكلمات الأساسية: الألفة ـ السياسة ـ العصبية الخلدونية ـ الملك ـ النظام السياسي ـ الروح الإيمانية