أثر الثقافة الفارسية في الحضارة الاسلامية في العصر العباسي

اتخذ التواصل والتبادل الثقافي بين الحضارات الانسانية أشكال وطرق متعددة ومختلفة, وقد جمع الفتح الإسلامي بين حضارة العرب و حضارة الفرس، وهو ما شكّل تحوّلاً جذرياً في تاريخ جزيرة العرب وبلاد فارس ، وذلك عندما اقترنت الثقافة العربية الناشئة بالثقافة الفارسية العريقة، وتحوّل هذا الاقتران سريعاً إلى انصهار ثقافي تبادلي مثير يتميّز بخصائصه ومواصفاته ونتائجه. ان التفاعل والتثاقف الحضاري بين العرب والفرس، أدى بشكل واضح وسريع إلى ازدهار حضاري كبير وسريع، وكان للتفاعلُ بين الفرس والعرب أكبرُ الأثر في شموخ الحضارة الاسلاميّة منذ القرن الأول الهجري في الكوفة والبصرة، وخصوصا عندما بلغ عطاء هذا التفاعل ذروته في بغداد خلال العصور العباسيّة، ثم انتشر على رقعة واسعة في حواضر عديدة من نيسابور في الشرق حتى قرطبة في الغرب، و لاتزال تأثيراته وارهاصاته باقية وستمتد الى المستقبل انشاء الله. ومقصدنا في هذه الورقة هو استجلاء بعض مظاهر التلاقح والتثاقف العربي الفارسي في العصر العباسي وأثره على الثقافة العربية الاسلامية ... تقوم فرضية الدراسة على أساس أن الدين الإسلامي جمع بين العرب والفرس، وشكّل هذا الجمع تحوّلاً جذرياً في تاريخ هذه البلاد، عندما اقترنت الثقافة العربية الناشئة بالثقافة الفارسية العريقة، وتحوّل هذا الاقتران سريعاً إلى انصهار ثقافي تبادلي مثير يتميّز بخصائصه ومواصفاته ونتائجه. وقد استخدام الباحث في هذه الورقة البحثية المنهج التاريخي وذلك لعرض تسلسل الاحداث، وأهم المحطات التي ظهر بها التأثر والتلاقح الثقافي بين الحضارتين العربية والفارسية . كما اعتمدت هذه الورقة البحثية على المنهج الوصفي لوصف الاماكن والاجواء التي احاطت بالأحداث والوقائع التاريخية التي استوجب التدقيق فيها بإمعان للوصول الى الحقيقة التي تضعها في المنظار الذي ينقيها من بعض التعقيد، ومحاولات التشويه والانحراف . ولغرض اثبات فرضية الدراسة وتحقيق أهدافها فقد قسمت الدراسة الى مقدمة و ثلاثة مباحث وخاتمة وكما يلي :ـ 1. المبحث الأول: جذور وملامح المثاقفة المتبادلة بين العرب والفرس قبل ظهور الإسلام . 2. المبحث الثاني : أثر الحضارة الفارسية في الثقافة العربية في صدر الاسلام وحتى نهاية العصر الاموي . 3. المبحث الثالث : تطور التأثير الحضاري الفارسي في الثقافة العربية في العصر العباسي .