شماره ركورد كنفرانس :
4508
عنوان مقاله :
توظيف نظامالملك الإيديولوجي للتاريخ الساساني في مواجهة المعارضة السياسية والدينية في عصره
پديدآورندگان :
الكعبي نصير عضو هيئتعلمي تاريخ ايران دانشگاه كوفه
كليدواژه :
خواجه نظام الملك طوسي
عنوان كنفرانس :
اولين همايش بين المللي هزاره خواجه نظام الملك طوسي
چكيده فارسي :
استدعي نظامالملك مجموعة من الأدوات المادية والإيديولوجية في فكرته حول بناء الدولة واستمرارية ديمومتها قد تكون المدارس (النظاميات) ومناهج التدريس فيها واحدة من الوسائل المعنوية في مواجهة التيارات الفكرية والسياسية المعارضة في عصره، غيران كتابه الشهير (سياست نامه) يبقي الأكثر اكتنازاً لمجمل فكرته عن الدولة وإدارتها، لذلك خضع الكتاب لعدد غير قليل من الدراسات آلتي تناولته من زوايا مختلفة، يكاد يفلت من إطارها موضوع البحث الحالي المعني في البحث عن الكيفيات آلتي وظف فيها نظامالملك التاريخ وحوادثه عبر استحضارها وجعلها إحدي أدواته للمواجهة من خلال ربط التاريخ وتأويلاته لخدمة البلاط وتبرير أهدافه، ويتفرع من هذا سؤال آخر هو لماذا اختار نظامالملك أنموذج التاريخ الساساني من دون غيره من النماذج التاريخية؟ وكما هو معروف فان كتاب سياست نامه يتكون من (50) فصلاً متنوعاً يعني البحث منها علي وجه الخصوص الفصول (47،46،45،44) ففي هذه الفصول يلحظ بوضوح شديد عملية التوظيف والربط بين التاريخ الساساني عبر اختيار واحدة من بين ابرز الحوادث آلتي مر بها وهي حوادث المزدكية وتطوراتها داخل بنية الدولة والقضاء عليها وبين حوادث عصر نظامالملك ممثلة بالقرامطة والإسماعيلية وموقفهم من الدولة والخرميه، فقدم المؤلف مماثة تاريخية عريضة اختار فيها حوادث متناظرة علي مستوي الأسباب المؤدية والمآل النهائي للتجربة التاريخية الأولي. فالصورة العامة آلتي استحضرها نظامالملك عن المزدكية كانت من منظار السلطة الحاكمة في مواجهة حركة معارضة توصف باستقطابها جموع كبيرة من الناس والمريدين اثرت عليهم ليس عن طريق تلبية الحاجات اليومية لهم وانما عن طريق دعاية منظمة وتوظيف للمجال الديني والإيديولوجي دقيق، نجحت في النهاية في ضم إليها أعداد غفيرة من الفئات الدنيا. ركز نظامالملك علي صورة محددة لمرحلة الدعوة الي المزدكية بوصفها حركة المعارضة للدولة، فأبواب كتاب سياسية نامه لم يكن غرضها ارشفت تاريخ المزدكية وعرضها بشكل متتابع كما فعلت ذلك المصادر العربية والإسلامية الأخري التاريخية والتي إلي حدا ما تناصت بعض معلوماتها المعتمدة علي مصادر فارسية في تقديمها للمزدكية وحوادثها المتلاحقة منذ عصر قباذ بوصف جذور تلك الحركة الاقتصادية وتغير نظام جباية ضرائب الأراضي والتمهيد للتحول من نظام المقاسمة القاسي وغير العادل إلي نظام المحاسبة في جباية الأموال نقداً كل هذه التفاصيل لم تحضر في كتاب سياست نامه عن المزدكية ومجرياتها والتي تعد من المحركات الواقعية لها، وانما استحضر نظامالملك حوادث المزدكية بصورة انتقائية تلبي المغزي الأساسي لفلسفة ذلك الكتاب، فركز علي الجانب الدعائي الاغوائي لها وطبيعة تلاعبها بعقول المجتمع وكذلك المآل المأسوي الذي تلقاه مزدك واتباعه، وفي كل ذلك كان حاضر عنده بقوة المقارنة المستمرة مع احداث عصره. و لابد من تحديد المؤثر المؤثر الأكثر أهمية في هذا السياق علي الثقافة ونظام الإدارة في العصر السلجوقي والوزارة آلتي كان يديرها علي مدي ثلاثة عقود متواصلة نظامالملك، فالكثير من التقاليد في الجباية وتقسيم المقاطعات معاً وتولية الأمراء في الأقاليم كانت متأثرة بالإرث الفارسي القديم الاخميني والساساني، فقد تم استدعاء تلك التقاليد والإفادة منها بطريقة عملية، ويعود إدامة تلك التقاليد الي ابعد من تلك المدة فالتقابل بين الأنموذج العباسي والساساني في الإدارة وأنظمة الحكم يعد من الملامح الأساسية للتاريخ الإسلامي في المرحلة الوسيطة. قد تكون أيضا من بين الاسباب الفاعلة في استحضار حوادث المزدكية ومحاولة ربط مآلاتها ونتائجها الوخيمة علي مدعيها انها لم تكن احداث او تجربة تاريخية معنية فقط بالعقائد الدينية وانما جذورها مبنية علي تراكمات اقتصادية واجتماعية افرزتها طبيعة الارستقراطية المتنامية وهيمنتها الكاملة تقريباً علي مجمل الفعاليات الحياتية والسياسية في المجتمع، فهي نتاج مراحل طويلة من التراكمات. ولذلك لم يخرج من هذا الاطار المثل الأعلي الذي استحضره نظامالملك في السياسة وإدارة الدولة في كتابه سياست نامه، فكان أنموذجه الملوك الساسانيين وسلطتهم وطريقة إدارتهم قبال الموظفين والجهاز الإداري وطريقة مراقبته وتصويبه، والاهم في تلك طبعيه التعامل مع المعارضة السياسية ذات الجذور الدينية والاجتماعية. فاتباع المزدكية في العصر الساساني استحضرهم نظامالملك وقابلهم مع معارضيه وخصومه السياسيين في عصره، فركز من اجل تأكيد هذا المعني علي اصول الاسماعلية المنحدريين من أسلافهم المزدكيين. وهنالك عامل آخر لاستحضار التجربة التاريخية الساسانية وتوظيفها في العصر الاسلامي، فتناظر الازمات بين عصر انو شروان وبين عصر نظامالملك كانت حاضرة بقوة، فالإقطاع كان من المحركات الأساسية للكثير من الحوادث حاضر ليس في مستواه الاقتصادي المادي، وإنما في بناء ردود الفعل وتشكيل الذهنية، فالتحول من النظام الإقطاعي وركائزه القوية بعد عصر أنو شروان، يشكل تماثل كبير بين التجربة التاريخية، فمفهوم العدل ونقيضه الإقطاع مفهومان متعاكسان ومتضاربان حاول أنو شروان عبره تفكيك الاتحاد المصلحي بين رجال الدين الزردشتيين والنبلاء والاشراف اللذين بمرور الوقت شكلوا كتلة صلدة في مواجهة المؤسسة الملكية. ثم سعي الي التمايه مع كل ذلك التراث نظامالملك فسعي الي فك الاشتباك بين الاثنين ومواجهة تحديات وهي اشارة الي الارستقراطية آلتي أخذت تنافس الحاكم او الملك ابان عصره. اعتمد انوشروان من اجل إعادة توزيع السلطات من جديد علي مفهوم العدل وهو مفهوم يناقض الإقطاع المستشري في عصره وسمي في مجمل الأدبيات العربية والفارسية بـ انوشروان العادل ، لذلك كان أنموذج الساساني الأنموذج الأكثر استئناساً وتحديداً للدورة آلتي مرت بها تلك الدولة في انتقالها من نظام المقاسمة إلي نظام المحاسبة والتي تخللته حوادث المزدكية. ففي الباب الذي خصصه نظامالملك والذي عنونه بـ (في المستقطعين والتحقق من معاملتهم الرعية). نلحظ فيه تفصيلاً عن هذه الآلية، فقد أورد في الحكاية الأولي والتي عنونها بحكاية الملك العادل أنو شروان إذ أثار فيها مشكلة الإقطاع، والأوضاع آلتي واكبته وتنامي دور الأشراف وطريقة المعالجة فيها، فركز في ذلك علي عاملين أساسيين، الأول بالتبني الخاطيء للمزدكية بوصفها مذهب ديني واجتماعي معارض للمذهب الرسمي للزردشتية، والعامل الثاني طبيعة الإجراءات الإدارية والعاملين في أجهزة الدولة الجبائية، ولكل هذه المشاكل يلحظ إن نظامالملك قد اعتمد علي مفهوم العدل بوصفه أدات ايديولوجية لحل هذه الإشكاليات آلتي تواجه الدولة في عهده، ويتركز هذا المعني في تلك القصص آلتي استحضرها من عصر الملك انوشروان فالمغزي الأساسي الذي تتركز عليه هو إعادة تأهيل الملك الحاكم الوزير فالوظيفة الأساسية لهذه الحكاية تؤدي أمور تسويغية ومشرعنة وطبيعة الإجراءات آلتي يحاول البلاط اتخاذها إزاء التحديات آلتي تواجهها الدولة، فالإجراءات الإدارية في نظره غير كافية بقدر تلك الأدبيات ذات المنحي الاديولوجي. والملاحظة الأساسية آلتي أظهرها نظامالملك ايدولوجيا قائمة علي نظام العدل وهذا مفهوم شاع وانتشر في عصر أنوشروان بوصفه جزء من أيديولوجيا المواجهة بالارستقراطية المتنامية واستمالة الفئات الدنيا المحرومة من المجتمع، فكل هذه الصورة تقريباً مستقاة من عصر الملك الساساني أنوشروان الذي لقب بالملك العادل، وفي كتاب سياستنامه أمثلة وفيرة حول هذا المبدأ منها حكاية سلسلة عدالته، أي كسري أنو شروان. وغيرها من الحكايات آلتي تصب ف المعني نفسه. غيران المفارقة التاريخية الواقعة بين التجربتين ان المزدكية في العصر الساساني حاولت ان تفك وتحرر من المذهب الرسمي للدولة الواقعة تحت وطأته والمتحكمة به، بينما نظامالملك حاول عبر تلك المغالطة التاريخية المقصودة والمؤدجلة تأكيد معنيان دوام الدولة وراحة الخلق لايتحقق الا عبر المذهب الواحد واستبعاد كل المذاهب الأخري الموازية أو المنافسة له.