الفارسية والإسلام: التيّارات اللغوية والأدبية بين الفارسية والعربية في ظل الحضارة الإسلامية

توثقت الصلاتُ بين الشعبين العربي والفارسي منذ أقدمِ العصور، وتفاعلت اللغتان العربية والفارسية علي الرغم من انتماء كل منهما إلي فصلية مختلفة. ويعود ذلك إلي الحدود الجغرافية المشتركة بين الدولتين، والروابط الاجتماعية، والعلاقات التجارية، منذ عهد المناذرة ملوك الحيرة في العراق، وصلاتهم القوية بملوك الفرس، وتبادل الثقافة والحضارة معهم. لذا فتأثيرُ الفارسية في العربية قديمٌ يرجعُ إلي أعماق التاريخ، يوم أخذ العربُ عن الفرس الكثير من المفردات والصيغ والتعابير، واستعملوها في حياتهم اليومية، وأدخلوها في لغتهم بنصّها أو بعد تعريبها. غير أن هذا التأثير المتبادل بلغ ذروته بعد الفتح الإسلامي لإيران، واحتكاك العرب بالفرس في مختلف ميادين الحياة. ونحن سنلقي نظرة حول هذه المحطة بالذات، متسائلين حول تواصل لغوي وأدبي بين الفارسية والعربية. أما المنهجُ الذي اعتمدناه في هذه الدراسة، فهو وصفي يهدفُ إلي عرض آراء الباحثين والدارسين، وصياغتها في صورة موحدة لبلوغ الخلاصات حول أهمية الفارسية ونشأتها والعناصر المكوّنة لها. وكذلك هو منهجٌ تحليليٌ يعتمد علي دراسة النماذج اللغوية وإبراز خصائص الفارسية والعربية من ناحيتي المعني والمبني، تمهيداً لاستخلاص الآراء وتكوين النتائج.