حسن الإقناع؛ تعريفه وأساليبه في نهج البلاغة

من الفنون البلاغية الملفتة للنظر في نهج البلاغة وفي كثير من النصوص الأدبية الأخرى هو ما يمكن تسميته بفن «حسن الإقناع» لقدرته و سرعته في إقناع المخاطب، الفن الذي لا نجد له عنواناً مستقلاً في الكتب البلاغيّة مما يُوهم أنّه يندرج تحت عنوان: «المذهب الكلامي» لاشتراكه مع هذا الفن في بعض مصاديقه، أو «حسن التّعليل» لما له من مشابهه في العنوان، بيد أنّ لهذا الفن خصوصيات تفصله عن باقي الفنون، كما له أساليب متشعّبة جديرة بالدّراسة و البيان مما يؤهّله بأن يُدرس تحت عنوان مستقل. فيأتي هذا البحث لـتسليط الضوء عليه و تقديم تعريفٍ لهذا الفن وبيان الفوارق بينه وبين الفنون المشابهة له والتفتيش عن بعض أساليبه المتنوعة من خلال منهج تطبيقيّ يستمدّ مادّته مما ورد في نهج البلاغة من مصاديق هذا الفن وقد توصّل البحث في أهم نتائجه إلى نقاط هي أولاً: فن حسن الإقناع؛ هو أن يورد المتكلّم كلامه بحيث يؤثّر في المتلقّي بأسرع ما يمكن ويُقنعه بالفكره الموجهه له، موظّفاً البديهيات المقبولة لديه في إيجازٍ مرغوب فيه. ثانياً: يختلف فن حسن الإقناع عن فن المذهب الكلامي في استخدام مختلف البديهيات و عدم الاقتصار على الحجج العقليّه فحسب، كما أنّ فن حسن الإقناع يهدف إلى سرعة إقناع السامع و إبعاده عن التريّث و التفكر الطويل، فيما أنّ فن المذهب الكلامي لا يهدف بالضرورة إلى سرعة الإقناع. ثالثاً: هناك ركائز متنوعة يعتمد عليها فن حسن الإقناع في أساليبه المختلفة، من أهمها: استخدام البديهيات العقلية و البديهيات العرفية و البديهات الشرعية و البديهيات التاريخية، وأحياناً المزج بين هذه البديهيات.