التشيع الثقافي في البصرة ودور الامام علي(عليه السلام) في تأسيسه (الموروث الديني)

مرّت البصرة منذ عصر تأسيسها الأوّل وبالتحديد عند دخول الامام علي(عليه السلام) إليها في حرب الجمل ببدايات ثقافية للتشيع، وعلى الرغم من ذلك فقد اُشيع انها سنّية، فما هي حقيقة تشيعها ثقافياً؟ وما هو دور الامام علي(عليه السلام) في ذلك؟المتتبع لهذا الموضوع بدقة تتولد لديه بعض القناعات، بان التشيع الثقافي في البصرة وخصوصاً على مستوى الموروث الديني والادبي، كان اصيلاً متجذّراً فاعلاً في الساحة الثقافية، مساهماً في تأسيس الثقافة ومصحّحاً لمسارها، خاصة فيما يتصل بالنهضة العلمية، والعمق الثقافي.وكان الرائد والمباشر الاول له هو الامام علي(عليه السلام)، ومن تأثّر به وبطريقته في ارساء مفهوم الثقافة؛ فكان للثقافة رجالها ومؤسّسوها من الطراز الأوّل، بدءاً بالامام علي(عليه السلام)، ومروراً باصحابه من امثال ابن عباس وابي الاسود الدؤلي وغيرهما، واستمراراً بمن تخرّج على ايديهم ممن حمل هذه المسؤولية الكبيرة، وكان كثير منهم من الشيعة الأوائل.وبهذا فقد استطاع الامام علي(عليه السلام) فيما بعد وقعة الجمل ان يؤسّس لثقافة ولائية مغايرة للثقافة السابقة، وقد شكّل حضوره الفاعل نقطةَ افتراق مفصلية ولحظةَ انطلاق حضارية في تركيبة الذهنية الثقافية الجديدة التي رعاها تأسيساً وتوجيهاً؛ لتكون ذهنية مستوعبة للانطلاق الثقافي والمعرفي، ولقد تركت مدة اقامته هناك معطيات كبيرة، فكانت مؤثرة جداً في اعادة تشكيل الافكار والقناعات وحتى الولاءات.ان الموروث الديني والادبي لم يكن لينطلق لولا وجود الامام علي(عليه السلام) معلّماً لأجيال المسلمين حاثّاً اياهم على التعلّم وتقييد العلم بالتدوين، ولولا الفتح العلمي والثورة المعرفية التي قادها الامام علي(عليه السلام) لما كان للمسلمين هذا التراث العلمي الهائل كمّاً ومضموناً.لقد كانت حركتنا البحثية منصبّة على تجميع الوثائق التاريخية بأوجهها المتعددة؛ لتكون هي الفيصل في الاستنتاج بعد إعطائها حقّها من القراءة المنصفة والاستنطاق العلمي، وكان منهجنا الذي اعتمدناه في هذه الدراسة منهجاً توصيفياً تحقيقياً.وقد اعتمدنا الموضوعية ونحن نحاول تلمّس الثقافة الشيعية على أمل ان نجد ادلة واضحة في الثقافة الشيعية، ونرى دور الامام علي(عليه السلام) في ايجادها هناك.