استدعاء الروايات الميثولوجية من منظور البعث والإحياء في أشعار فايز خضور

إن الأسطورة قصة تعبر عن حياة الأقوام وثقافتها وعادة لا يعرف أصلها. تدل الأساطير علي الحاجات اللاواعية للعقل البشري وتتحدث مع الإنسان والعالم المحيط به. في كل فترة يمر بها الإنسان، يكون دائمًا مدينًا لماضيه ولأسلافه ولهذا كانت الأساطير مصدر إلهام للشعراء والكتاب وتتكرر كثيرا في الأدب المعاصر لمختلف الشعوب بسبب قوة تأثيرها في النفوس. تشابك الشعر العربي المعاصر مع الأسطورة بحيث يمكن اعتبار توظيف الأسطورة أحد أهم ظواهره الفنية. لم يستعن الشعراء العرب المعاصرون بالأسطورة واقتباس الهيكل الأسطوري بالهيئة الموجودة في الكتب والروايات فحسب، وإنما قاموا بإحداث التغييرات في رواياتهم وتحويلها إلي صور متنوعة بغية تطبيقها مع الأوضاع الراهنة في عصرهم. إنّ مضمون التفكير الغائي من مضامين توظفت في قصائد فايز خضور توظيفاً مختلفا. وإن ما جعل كتابة هذا البحث كضرورة عند الباحثة عبارةٌ عن استحضار الزوج الأسطوري بعل وعنات - إينانا ودوموزي - شمش وجديلة في قصائده. ففي بداية الأمر، قامت الباحثة بدراسة الروايات الميثولوجية والعناصر التي ارتبطت بها، ثم يسعي هذا البحث إلي دراسة العناصر الأسطورية في قصائد فايز خضور. بالنظر إلي أنه شاعر متألم وعالم بمأساة الإنسان العربي ويقدم نفسه على أنه شاعر الموت وبذل قصاري جهوده الفكرية في إحياء الحضارة الشرقية محاولاً أن يعيد تجربته الشعرية تحت الرموز المرتبطة بالموت والحياة، إن الباحثة تناولت دراسة التفكير الغائي لأساطير الموت والانبعاث في ضوء قراءة ميثولوجية عبر المنهج الوصفي -التحليلي. تدل النتائج المتوصل إليها في هذه المقالة على وجود صلة عميقة بين فكر الشاعر وعناصر الموت والانبعاث الأسطورية، لكنه يقدم توظيفا معكوسا ومختلفا عنها ويغير روايتها ليزيح لنا الستار في آثاره عن الظروف الاجتماعية في البلاد العربية بما فيها من الدمار والظلمة. ومن أهم أهداف الشاعر لهذا الاستخدام الأسطوري يمكن الإشارة إلي تحوّل الأساطير الدّلالي وانطباقها (تكييفها) أكثر فأكثر مع الوضع المسيطر علي المجتمع السوري والأقطار العربية الأخري.