دور التكرار في مغالاة المعاني وتوجيه المتلقّي علي أساس نظريّة فان دايك (تطوّرات إيران الفضائيّة في قناتي العالم و العربيّة أنموذجاً)

إنّ استخدام أيّ ظاهرة من ظواهر الأدب في الشعر والنثر لا يكون عبثاً ومن دون دوافع مسبقة وينطبق ذلك علي التكرار، فأصبح التكرار من التقنيات الواضحة لبناء النص الخبريّ، إذ يلعب دوراً بارزاً في معالم الوصول إلي مضمون النص ونقل المعاني الخفيّة في النصوص الخبريّة للمخاطب ويعدّ أداة إستراتجيّة قويّة تؤدّي إلي توجيه الانتباه إلي اللغة ذاتها وتنبيه المتلقّي إلي ما يريده المتكلم أو الكاتب؛ فإنّ وسائل الإعلام تستخدم التكرار قاصدةً ترسيخ غايتها الرئيسة في أذهان الناس وهي تمهيد الطريق لقبول السياسات المتبعة في هذه الوسائل.ويقوم البحث الراهن بتحليل النصوص الخبريّة في قناتي العالم والعربيّة ، مركّزا علي دور التكرار في مغالاة المعاني وأهميّته في انتباه المخاطب إلي بعض المعاني الخاصّة علي أساس نظريّة فان دايك ؛ حيث تشير نتائج البحث إلى كيفيّة محاولة أصحاب وسائل الإعلام وأساليبهم لغرس صورة إيجابيّة لأنفسهم أو للجهات المتبوعة وصورة سلبيّة للجهات المعارضة لسياساتهم في أذهان الجمهور باستخدام تقنية التكرار. ولهذا تستخدم في قناة العالم الإخباريّة الحكوميّة الإيرانيّة كلمات مثل النجاح و السلميّ و الدفاعيّ كما تتكرّر كلمات مثل غير سلميّ و التهديد و القلق الشديد في قناة العربيّة السعوديّة؛ لأن ترتيب الكلمات الإيجابيّة أم السلبيّة معًا في نص إخباريّ يتسبّب في إنشاء صورة إيجابيّة أو سلبيّة عن إيران، فيتمّ تسجيلها في أذهان الجمهور والتكرار يعمل مثل مطرقة ترسّخ هذه الصورة الإيجابيّة أو السلبيّة في أذهان المخاطبين.فتكمن أهمية هذا البحث في أنّ التكرار هو من أكثر التقنيات المستفادة لنقل الرسائل الخفيّة إلي الجمهور، والتي حظيت باهتمام إعلاميّ كبير، لا سيّما في السنوات الأخيرة، خاصّةً في الأخبار المتعلّقة بإيران، حيث إنّ معرفة أساليب استخدام هذه التقنية في وسائل الإعلام تزيد من معرفة الجمهور الإعلاميّة.